الثلاثاء، 7 يونيو 2011

مشهد في مطعم البيتزا

ذات ليلة أسرني الجوع وقلت لن يفك أسري إلا وجبة سريعة أسد بها عويل وصياح معدتي الخاوية...فوقع الإختيار على مطعم البيتزا ، المكان مزدحم جدا ولاتوجد طاولات شاغرة، الا إثنتان لمحتهما من بعيد في قسم العائلات ومع إن المكان غير استراتيجي على مرأى من الملأ ، ماذا أفعل المهم أن أجد محلا لأجلس وأسد به جوعي ،وبعد إختيارنا الوجبة رأيت النادلة تساعد رجلا في حمل عربة تجلس عليها امرأة طاعنة في السن ، هذا ما استنتجته من منظر يديها التي خطت عليها تعاريج الزمن ، في الوهلة الأولى
اعتقدت في الوهلة الأولى أن اللذي معها هو زوجها مما بدا لي من شكله ومظهره فهو أيضا تبدو عليها علامات الكبر ...اعتقد أنه في آواخر الاربعين أو بداية الخمسين ( والله أعلم )
وقع الاختيار على الطاولة الأخرى التي بجانبنا والتي يبعدنا عنها نصف متر تقريباً وأمام عيني مباشرة ، لأنه لاتوجد طاولة أخرى غيرها ،وطلب من النادلة أن يجلس بجانب المرأة العجوز، والصق كرسيه بالعربة ،و بعد أن أمسك قائمة الطعام وبدأ في التقليب سأل العجوز ( وش تاكلين يمة ؟)
لا أعلم ماهو الشعور اللذي أحسست به فقد أردت البكاء!!!
فأدركت حينها أن التي معه هي والدته ، فأجابته ولكن بصوت غير مسموع ،وأخذ بالتقليب في القائمة ووضعها على الطاولة
وطلب صحناً صغيراً من الخضروات وبيتزا صغيرة ، قمت أنا لإحضار السلطة وبعد ثواني رأيت الرجل نفسه يمسك صحنه
واحسست أنه كان حذرا في إنتقائه لنوع الخضروات، وضع الصحن أمام والدته ووضع في يدها شوكة الطعام وقامت هي بالأكل احسست أنها كانت تجد صعوبة في ذلك وكأنها تمسك الشوكة لأول مرة ،وحينما كانت تاكل كان يراقبها ابنها ويجمع مايسقط في حظنها من بقايا الطعام ، فأخذ الشوكة منها وبدأ بإطعامها بنفسه ،وأيضا كان حذرا فكان بيد يمسك الشوكة وبالأخرى يمسك برقعها
خوفا من أن ينكشف وجهها.
انتابني شعورٌ غريب لمنظرهما ،شعورٌ مبكي ومفرح ،تذكرت والداتي التي قصرت كثيرا في حقها و برها ووصلها ،سامحني ياربي ،سامحيني يا أمي فقلبكِ الكبير لا اعتقد أنه يحمل الا كل حب لنا مهما فعلنا
كان مشهدا رائعا مشهدا يجمع في جعبته كل معاني البر، الحب ، الاحترام ، حمل والدته لهذا المكان ، وكأنها تخرج لأول مرة هذا ما بدالي من الصورة التي رأيتها ، أراد أن يأخذها للأماكن التي يرتادها الناس ، بعكس أولئك الناس اللذي يخجلون من أهلهم وذويهم
وكأنهم عارٌ عليهم .
اقول لهذا الرجل ولمن هم أمثاله ، هنيئا لكم ولروعة صنيعكم ، وما أعظمها من نعمة حباكم بها الله البر ووصل والديكم
وما أعظم الأجر اللذي ينتظركم في آخرتكم ... وفي دنياكم ستجدون من هم يحسنون في بركم واحترامكم فكما تدين تدان والجزاء من جنس العمل .
هذا اختصار للمشهد وما رأيت لا يوصل إلى ما رويت .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق